السبت 28 ديسمبر 2024

رواية قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب إبراهيم

انت في الصفحة 2 من 29 صفحات

موقع أيام نيوز


قلبه سيوف قاټلة تنهش النبض به ...خرج من المكان ونظر إليه لبضع دقائق...في وعد وثائقي بينه وبين نفسه...أن يتخلص من هذا المكان ويعرضه للبيع....حتى لا يستطع المجيء هنا حتى لو أقتحمه الحنين رغما عنه...وبالتأكيد سيحدث ذلك. لم يستطع الذهاب لعمله....قرر أخذ عطلة سريعة لعدة ساعات فقط.. لبدنه عليه حق...فقد انغمس كليا في العمل بالسنوات الماضية وما كان يأخذ عطلة إلا نادرا....فقرر العودة إلى لمنزله وقرر استئناف العمل عند مطلع الغروب.... بمنزل العائلة.... دلفت ممرضة إلى غرفة الجد رشدي وبين يديها دفتر ملاحظات...وبعض الادوية... استقبلها الجد رشدي بابتسامته المرحة المعهودة وقال _ صباح الخير يا كتكوته ... ابتسمت الممرضة سمر وهي تتوجه إليه ثم جلست على مقعد خشبي بجانب فراشه وقالت بعدما وضعت ما بيدها على طاولة جانبية عدا دفتر الملاحظات تمسكت به صباح الخير يا جدو رشدي..صحتك عاملة إيه النهاردة ضيق الجد عينيه بثقة وبشكل مضحك ثم قال _ صحتي بخير يا قمر...بفكر اروح الجيم كمان اتسعت ابتسامة سمر بضحكة سريعة...ثم قالت بنظرة امتنان _ أنا عارفة أن حضرتك اخترعت حكاية المذكرات دي عشان تعلي مرتبي...لما عرفت أني يتيمة وبجهز نفسي وهتجوز قريب....مش عارفة أشكرك أزاي.... قال الجد رشدي بابتسامة راضية _ ولا اخترعت ولا حاجة....أنا فعلا كنت محتاج أفضفض واتكلم لحد برا العيلة.... عارفة يا سوسو لو مكنتيش مخطوبة كنت جوزتك لواحد من أحفادي التحف دول... ابتسمت سمر بمرح ثم قالت بحماس _ حصل خير...أنا جيبت الدواء الناقص عشان لما تتغدا تاخده من غير تأخير...بس دلوقتي بقى نبدأ ....جاهز للإجابة يا جدو هز الجد رأسه بثقة ورد _ جاهز يا روح جدو...اسألي ..... فتحت سمر الدفتر ثم قالت وهي تشير بقلمها إليه _ اسمك بالكامل وعدد أولادك وأحفادك...ياريت بقى مع نبذة عنهم .. تنهد الجد رشدي وتاهت ابتسامته قليلا...نظر بعينيه التي تجمعت حولهما التجاعيد وخطوط الدهر...ثم أجاب _ رشدي مصطفى محمود الزيان....خلفت أربع صبيان...تلاته ماتوا ومفضلش منهم غير وجيه...أصغرهم... ربنا يباركلي فيه.... ملأ الحزن عينيه وهو يتابع _ واحد ماټ من أربع سنين ... مصطفى كان متمرد على كل أوامري ...ساب كل شيء وراح أتجوز بنت ريفية وأتحداني...معرفتش عنه حاجة غير لما وصلني خبر مۏته بسكته قلبية مفاجئة... ابتلع ريقه بحزن شديد وأضاف _ والاتنين التانين ...كانوا برضو مش بينفذوا أي حاجة أطلبها...إلا حاجة واحدة...لما طلبت منهم يتجوزوا بنات صديق ليا كان مصري بس عايش في هولندا من سنين طويلة...كان تعبان ولما سافرتله وصاني عليهم... رغم أن... صمت الجد عن الحديث وكأنه أرهق من الذكريات المؤلمة... فحسته سمر على المتابعة فقال رغم أن البنات ما اتربوش في مصر ولا حتى معاهم الچنسية وبيتكلموا عربي مكسر... بس حبتهم وجوزتهم لولادي... چيلان جوزتها لأبني الكبير كمال وخلفوا جاسر ويوسف وبنت صغيرة كانت لسه رضيعة ...وريما جوزتها لأبني التاني صلاح وخلفوا رعد وآسر جاسر الكبير فيهم وبعدين رعد..وآسر ويوسف...... قالت سمر بنظرات مشفقة على العجوز المسكين _ وبعدين ... تنهد الجد في تنهيدة ثقيلة... وقال بنبرة ملؤها الألم _ بعد جوازهم بكام سنة قرروا يسافروا لندن في أجازه يشوفوا أصحابهم هناك...ولادي الاتنين سافروا معاهم...كانت سفرية لأيام قليلة... عشان كده سابوا أحفادي إلا الطفلة..امها مقدرتش تسيبها فخدتها معاها ....الطيارة وقعت بيهم في البحر...الله يرحمهم كلهم.. حوقلت الممرضة سمر بعطف ورثاء.... ثم صمتت عن أي أسئلة... فقال الجد بنظرة حزن شديدة _ خاېف يكون ده ذنب أبني مصطفى من قسۏتي عليه ...تفتكري ده عقاپ كانت نظرته تتوسل الإجابة... فقالت الفتاة برقة _ ده قضاء وقدر...كل واحدة مكتوبله ھيموت أمتى وفين...ما تعذبش نفسك .... تابعت لتغير هذا الموضوع المأساوي ...فقالت _ في حاجة غريبة والكل مستغرب ليها....حضرتك ليه خليت كل احفادك دكاترة ...... دي صدفة ولا كانت إرادتك في الأساس حتى أبن حضرتك دكتور وجيه ..دكتور .....! تقبل الجد تغيير مجرى الحديث برضا ثم أجاب وعادت تلك اللمحة المرحة بحديثه _ بصي ...أنا مش هكدب علي كتكوته زيك ...أنا في شبابي كنت فاشل..ما بحبش الدراسة ولا الشغل حتى ! كملت تعليمي بالعافية لحد الثانوية....والدي كانت مكانته كبيرة.... وكان عار أن ابنه يكون واخد الثانوية بس! خصوصا أني كنت الوحيد على بنتين....كان دايما بيقارني بشباب العيلة اللي بقى مهندس واللي بقى دكتور واللي واللي...بس أكتر واحد قارني بيه كان أبن عمي الكبير...دكتور ممدوح الزيان الله يرحمه بقا.... فهمت سمر الأمر فقالت _ آآه....يعني عوضت اللي ما حققتوش في أحفادك مش كده أجاب الجد بتوضيح أكثر _ مش بس كده... خۏفت يتقالهم زي ما كان بيتقالي ويطلعوا معقدين....يمكن خلتهم كده بسبب عقدتي..مش أنت مكسوفة تقوليلي أني معقد قال ذلك بابتسامة فضحكت سمر قائلة بمرح _ دايما كاشفني كده....! تحدث الجد بنبرة ضاحكة _ كنت معقد من كل شيء إلا الحسناوات... رددت سمر بابتسامة واستغراب _ حسناوات!! والله أنت راقي جدا يا جدو....دول دلوقتي بيقولوا علينا نسوان وغفر ! أطلق الجد ضحكة من فمه الذي ينتشر حوله الشعر الأبيض ثم قال بنبرة تحمل الفكاهة _ رجالة الزمن ده مايعرفوش حاجة عن الإتيكيت واللباقة...بقى في حد يقول على نعمة ربنا غفر .... ولما يدلعها يقولها يا بت !!! ده جدك كان عليه واحدة تسمحيلي يا مودمزيل تهز قلب أجمل بنت في مصر....البنات كانت بتعشقني.... وضعت سمر يدها على فمها لتكتم ضحكات من حديثه... مرت ثلاث ساعات بين الحديث والتذكر وتدوين ما يقوله الجد الطيب...الذي يبدو أن قسوته ما كانت إلا غطاء عقدته القديمة.... وقف الشباب الأربعة بغرفة الجد الكبيرة والتي تضم أثاث كلاسيكي ولكنه فخم رغم ذلك... وأنظارهم تقف على العجوز الممدد على الفراش وينظر للممرضة بابتسامة مشاكسة..... حتى قال الجد رشدي لها بمزاح ليغيظهم _ سنك كام يا كتكوته لأ قوليلي اسمك الأول مط جاسر شفتيه بسخرية وقال _ أصغر من أحفادك الأربعة يا زعيم الجدود....اسمها سمر خطيبة دكتور زميلنا....خطيبة إيه دكتور زميلنا...يارب ما تنسى تاني... كتمت الممرضة سمر ضحكتها من نظرة العجوز الغاضبة لأحفاده عندما هتف قائلا _ أنا بهزر معاها مالك أنت! هي السكر دي تتنسي ! وبعدين أنت بتتكلم ليه يا شامبو ! لما اسمحلك أبقى اتكلم ... نطق يوسف بابتسامة وقال بمحبة وبعض المرح _ أخبار صحتك إيه دلوقتي يا جدي طمنا على أمعائك.. أجاب الجد بنظرة ثابته على يوسف _ أنا بخير يا يوسف أنت اللي فيهم يا بلوتوث يا موصلي أخبارهم القڈرة يا حبيبي... زفر رعد بتعجب وتساءل _ ليه بتقصد تقلل مننا ! عندك هيموجلوبين التهزيق لينا مرتفع ليه! ... خرجت الممرضة سمر من الغرفة وتركتهم .... تكلم جاسر كي يغيظ جده _ على فكرة بقا...اللي بيهزقني البنات بتكرهه.. تطلع الجد به بثقة وقال بمكر بغمزته المعروفة والتواء رقبته بشكل مضحك _ تكره مين يا شامبو أنت ! جدك ده
كان واخد
 

انت في الصفحة 2 من 29 صفحات