رواية جراح الماضي بقلم ساره الزعبلاوي
دي !
انا اللي عايز أفهم أنت مش بتردي عليا لية مطنشاني ليه و لا عشان المناقصة رسيت علي شركتك خلاااص بحح !!
اه تقدر تقول كدة عشان كدة بقا مش عايزة أشوف وشك و لو بالصدفة يا مروان انت فاهم
لا مش فاهم يا هنا مش مروان العجاتي اللي يحصل معاه كدة
اطلع برة
ماشي يا هنا بس صدقيني انتي هتندمي و هتيجي تبوسي رجلي علشان ارحمك و مش هرحمك
نظر إليها نظرة أخيرة و انطلق خارجا لتجلس و هي ټلعن اليوم التي رأته فيه فلا شيء يسير علي ما يرام منذ أن تعرفت عليه
كانت تستقل معه السيارة و هي ممسكة بيده و هو يقود و تحركها معها و هي تتراقص علي أنغام الموسيقي التي تعشقها و هو ينظر لها مبتسما
فلا شيء يسعده في هذه الحياة سوي رؤيتها سعيدة
ابتسمت بارتباك و هي تبتلع ريقها قائلة
كنت عايزة اكلمك في موضوع يا أحمد
طيب خلينا نتكلم لما نطلع كدة هنتأخر علي العشا و ماما هتزعل !!
أحم أصلي عايزة اتكلم معاك لوحدنا
طيب نتعشي و نقعد مع ماما شوية و بعد كدة ندخل البلكونة نقعد لوحدنا اية رأيك !!
تمام يلا
صعدا سويا نحو منزل الذي تقطن فيه والدته فقد ټوفي والده منذ ان كان صغيرا و تركه هو و ووالدته بميراث ليس بالقليل ليشب أحمد و يقوم بافتتاح شركة خاصة بالأسمنت و مواد البناء
دخلا سويا لتظهر والدة أحمد سيدة تخطت الخمسين من عمرها يبدو عليها البشاشة
اقتربت منهما و هي ترحب بهما دخلوا جميعا و جلسوا علي مائدة الطعام
التي كانت ممتلئة بما لذ و طاب من الطعام
مالك يا فاطمة يا حبيبتي هو الاكل معجبكيش و لا أية
اومال مالك الواد أحمد زعلك و لا اية
رفع هو يده مثل المچرمون و هو يقول
أبدا و الله ما عملت حاجة !!
ضحكت فاطمة و قالت
مال أحمد عليها قليلا و قال بصوت خفيض
مقولتليش يعني الكلام دة من أمتي
نظرت له بطرف عينيها و قالت بصوت مثله
بعدين هبقي احكيلك !!
ثم اردفت و هي ترد علي والدته
لا ألف سلامة عليها يا حبيبتي قوليلها هبقي أجي بكرة ازورها
تنوري طبعا يا طنط
طيب انا هقوم اخلي صابحة تعملكم حاجة تشربوها
ماشي يا ماما
نهضت والدته لتأمر الخادمة بإعداد المشروبات لينظر هو لها نظرة استفهام و يقول
مفولتليش يعني ان طنط كانت تعبانة !!
طيب اية الموضوع اللي كنتي عايزة تكلميني فيه
طيب لما نقعد لوحدنا يا أحمد
ما احنا لوحد
بتر جملته حينما وجد والدته قادمة هي و الخادمة بصحن من الحلوي و المشروبات جلست والدته و هي تشعر أنهما يحتاجان لأن يكونا بمفردهما قليلا فهي تستشعر وجود مشكلة بينهما فقالت
اتفضلي طبعا يا طنط تصبحي علي خير
و أنتي من اهله يا حبيبتي
سارت والدته و خلفها خادمتها التي تعيش معها منذ ولادة احمد لتقول
عايزة حاجة يا زهرة هانم قبل ما تدخلي تنامي
مين اللي قالك اني داخلة انام يا صابحة أنا بس عايزة اسيبهم لوحدهم لأنهم شكلهم عايزين يتكلموا و أنتي متزعليش مني يا زهرة هانم بس حضرتك طيبة اووي انا عمري ما استريحت لفاطمة
هانم دي !!
صابحة متدخليش في اللي ملكيش فبه اتفضلي اعملي اللي قولتلك عليه يلا !!
أحمد بلييز قولتلك مية مرة بلااش
سجاير و لو أنت مش قادر تبطلها علي الأقل بلاش قدامي !!
زفر و هو ينظر لها محاولا تمالك اعصابه و قال
ماشي يا حبيبتي مش ناوية بقا تقوليلي اية الموضوع اللي بقالك ساعة بتلفي و تدوري عليه !
أحم أحمد أنا عايزاك تأجل الفرح !!
نظر لها ببلاهة و قال
فرح مين !!!
فرح مين يا احمد يعني فرحنا !!
نعم!!!!
اية يا حبيبي مالك
فهو يفعل كل شيء حتي ينل رضاها و مازال لا يفهم ما يدور برأسها
و عايزاني أخد الموضوع بكل بساطة يا فاطمة !!
و فيها أية يا أحمد أنا عايزة أتأقلم علي الوضع الجديد
نعم !! هو اية الوضع الجديد دة ان شاء الله !!
أني هتجوز و يبقي ليا بيت و مسئولية
و الله بقالنا سنة و نص مخطوبين و كل دة و مأقلمتيش نفسك علي الوضع أومال كنتي هتتأقلمي امتي ان شاء الله و لا كنتي فاكرة ان انا عيل بلعب بيكي و مش قد كلمتي و مش هتجوزك !!
لا طبعا عمري ما فكرت كدة يا احمد بس الموضوع ان مرة واحدة لقيت الوقت عدي و فرحي بقا بعد شهر
ليه كنتي فاكرانا هنفضل مخطوبين طول العمر ولا أية !!
يووة هو أنت ليه مش راضي تفهمني
أنا مش راضي افهمك لا يا فاطمة أنا عملت كل حاجة عشان افهمك كل اللي بتتطلبيه بعملهولك انتي لو طلبتي القمر هجيبهواك تحت رجليك بس أنتي اللي مش عايزاني افهمك دايما عاملة حاجز بينا و مش عايزة تكسريه
أفهمك بقا أنتي عايزة تأجلي الفرح ليه أنتي لقيتي موضوع الخطوبة دة قلب جد و فيه فرح و جواز و مسئولية و انتي عمرك ما كنتي بتاعة الحاجات دي غير كدة بقا أن أنتي كنتي واخدة الموضوع تسلية و مكنتيش
نظرت له پصدمة مما قال و قالت
يااه كل دة كان في قلبك يا أحمد مكنتش متخيلة أن أنا انانية و طماعة كدة عشان أعمل فيك كل دة و ألعب
كلامك معناه كدة
يعني كل اللي فهمتيه من كلامي اني بقول أنك أنانية !!
لم تجبه و أصبح الصمت هو المسيطر عليهما حتي قالت
أنا عايزة أمشي لو سمحت روحني
اتفضلي قدامي
ما تعيطيش يا فاطمة انتي مش غلطانة من الواضح أن انا اللي مش عارف افهمك
صمت و هو يخلع دبلتها من كفه و أمسك بكفها بحب و هو يقبله و قد سقطت دمعة من عينه علي كفها ثم وضع الدبلة بكفها و مسح دموعها و قبل جبينها و قال بهدوء
هتوحشيني بس مش عايزك تنسي يا فاطمة أن انا حبيتك و لا عمري حبيت و لا هحب حد غيرك
نظرت له و قلبها ېتمزق ألهذا الحد هي ظالمة حتي تجرحه بهذا الشكل فتحت باب السيارة و أنطلقت شبه راكضة و هو ينظر لها حتي غابت عن مرمي بصره لينطلق هو بسيارته
قطع تفكيرها دخول زهرة قائلة
مالك يا صابحة سرحانة في اية
ممفيش يا زهرة هانم كنت عايزة أقولك علي حاجة كدة و متزعقيش
خير !!
أصل يعني أنا سمعت أحمد بيه و فاطمة هانم بيتخانقوا
رفعت زهرة حاجبها و قالت
سمعتيهم برضو و لا اتصنطي عليهم !!
فاطمة هانم كانت عايزة تاجل الفرح !!
نظرت لها زهرة باستغراب و هي تقول
اية تأجل الفرح ليه
قال اية يا هانم بتقول أنها عايزة تتأقلم علي الوضع الجديد و المسئولية و الكلام الفارغ دة
صااابحة أتكلمي عنها عدل و متنسيش انها خطيبة ابني
و انا يا زهرة هانم ما انا اللي مربية احمد بيه !
قالتها صابحة بحزن مصطنع لترد زهرة
قائلة
بقولك اية يا صابحة أنا مش باخد من الشويتين اللي بتعمليهم علي احمد دول يلا أتفضلي علي شغلك
انطلقت صابحة و هي تتحدث پغضب بكلمات غير مفهومة
أما زهرة فقد جلست تفكر في السبب الذي جعل فاطمة تطلب هذا الطلب
وجدت باب المنزل يفتح و يدلف منه أحمد و يبدو عليه الهم و الحزن
أنا فسخت خطوبتي يا ماما
اية
نطقت بها زهرة بدهشة و قالت
لية هي علشان طلبت تأجل الفرح تقوموا تفسخوا الخطوبة خاالص يا احمد دة كلام ناس عاقلة!!
نظر لها باستفسار عن كيفية معرفتها هذا لتشير إليه برأسها إلي تلك الواقفة خلف الجدار تستمع لهم خفية تأخرت حتي
أتت حتي لا يشكا أنها تتنصت عليهما ليهتف بضيق
صااابحة
اتت مهرولة إليه و هي متلعثمة فقال هو
هو انا قولت كام مرة تبطلي العادة اللي فيكي دي
الله هو انا عملت حاجة يا أحمد بيه
خاالص اومال ماما عرفت منين اللي حصل بيني و بين فاطمة !
يووة دة انا سمعتكم ڠصب عني و انا بشيل الاكل
ڠصب عنك قولتيلي بقا طيب يا صاابحة قسما بالله إن اتكرر الموضوع دة تااني لا هعمل حساب و لا لعشرة و لا لتربيتك ليا و لا لأي حاجة مفهوم
هتف بها أحمد غاضبا لتربت والدته علي كتفه
مهدئة إياه و هي تقول
أهدي بس و احكيلي كل حاجة
مر ساعتين و هي تحاول الاتصال به في بادئ الأمر كان لا يجيب علي الهاتف ثم أخيرا أغلقه
زفرت بضيق و هي تضع الهاتف بجانبها و تهز قدمها بعصبية واضحة حينما وجدت شقيقتها تركض باكية
نهضت خلفها و هي تهتف
فاطمة يا فاطمة يا بنتي ردي عليا مالك
دخلت خلفها غرفتها لتجدها ټدفن نفسها في الفراش و صوت بكائها المكتوم يملأ أنحاء الغرفة ربتت علي ظهرها و هي تقول
يا بنتي بطلي عياط مالك اية اللي جرا
سابني يا هنا خلاص سابني
قالتها فاطمة و هي تفتح كفها لتريها دبلته لتتسع عينا هنا بذهول و هي تقول
يا نهار اسود انتوا فسختوا الخطوبة دة الفرح بعد شهر دي ممكن ماما تروح فيها !!
اوعي تقوليلها احنا مش ناقصين
طيب بس احكيلي اية اللي حصل خلينا نعرف هنتصرف في المصېبة دي ازااى
صوت عقارب الساعة كان مسموع لديها الآن إلي حد كبير
فقد كانت منجرفة في تفكيرها و صورته لا تغيب عن عقلها
سامحك الله يا فارس فبعد كل تلك السنوات التي جاهدت فيها لأنساك و لم استطع تأتي أنت و تفسد لي كل هذا و كل هذا يحدث و لم اراك بعد فماذا إن رأيتك !!
أخرجها من تفكيرها صوت الفوضي الحاډث في المشفي هرولت متجهة إلي مصدر الصوت لتجد رجل تعدي الستين من عمره غارق في دمائه و جسده الهزيل ممتلئ بالچروح العميقة
هرولت نحو الطاقم الطبي و هي تهتف
دخلوه علي العمليات بسرعة
منذ ثلاثة عشر عاما
هبطت من منزلها و سارت بشوارع ألمانيا فرغم أنها ابنة رجل الأعمال المشهور زين سويلم إلا أن نصائح والدها دائما لها هي ان تعتمد علي حالها و ليس علي ثروته و أن تشعر بمعاناة الآخرين فليس لأنها تدرس بألمانيا فهذا يعني أن تتعالي علي الخلق و احاديث كثيرة من هذا القبيل قد حفظتها
و بالتالي فليس كما يتخيل البعض أنها مدللة ابيها التي تمتلك سيارة بسائق خاص بها
وقفت أمام المحطة الخاص بالحافلات لم تمر دقيقتين حتي استقلت الحافلة و جلست
بعدها بدقائق وجدت رجل يبدو أنه في الثلاثين من